رام الله -وفا- جدد الرئيس محمود عباس، مساء الثلاثاء، التأكيد على أن الذهاب للأمم المتحدة ليس خطوة أحادية، موضحا أن المفاوضات الطريق الوحيد لحل قضايا الحل الدائم الست.
جاء ذلك خلال لقاء سيادته مع رؤساء التحرير في الصحف المصرية، ووكالة أنباء الشرق الأوسط، ووكالة ‘وفا’ في القاهرة.
ورفض السيد الرئيس بشدة بعض الإدعاءات التي توحي بأن الذهاب للأمم المتحدة يعني ‘ضياع منظمة التحرير الفلسطينية’.
وأضاف: ‘لا ننسى بأن المنظمة هي من أصدرت إعلان الاستقلال من الجزائر عام 1988، والسلطة الوطنية مسؤولة فقط عن الضفة الغربية وقطاع غزة، بينما المنظمة هي مسؤولة عن الجميع في فلسطين وخارجها، والمنظمة ستبقى دون أن تمس مكانتها’.
وقال: ‘ذهابنا للأمم المتحدة لا يعني أننا ضد المفاوضات، ولم نذهب للمنظمة الدولية إلا لأن المفاوضات غير موجودة، مع ذلك نوضح بأننا لسنا منقطعين عن الإسرائيليين، وأنا شخصيا التقيت الرئيس الإسرائيلي، وكذلك إيهود باراك أكثر من مرة، ولكن لم يأتوا بجديد من أجل تحريك عملية السلام’.
وحول سبب تنازل فلسطين عن ترؤسها لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في دورته 136 هذا اليوم، قال السيد الرئيس: ‘نحن منشغلون كثيرا الآن باستحقاق سبتمبر ووزير خارجيتنا كثير السفر والتحرك لحشد التأييد للقضية الفلسطينية، ومن هنا اتفقنا أمس مع الأشقاء في قطر بأن يأخذوا مكاننا في هذه الدورة، على أن نأخذ مكانهم في الدورة المقبلة’.
وعن الدور القطري في اللجنة القانونية العربية الخاصة بالتوجه للأمم المتحدة، قال سيادته: أبلغتنا قطر سابقا بأن لديها خبراء في لندن وغيرها، وهم قدموا لنا الخبراء وساعدونا كثيرا؛ كي لا نقع بأخطاء قاتلة خلال توجهنا للمنظمة الدولية، ومن هنا نحن نشكرهم وبقية الأشقاء على دورهم’.
وفيما يتعلق باستعداد الرئيس للذهاب لانتخابات مبكرة يتم من خلالها إنهاء الانقسام، قال سيادته: ‘لا مانع لديّ بأن تجرى الانتخابات بعد ثلاثة أشهر من الآن، والانتخابات عندنا تتم بشفافية وإشراف دولي ولا أحد بإمكانه التشكيك بنزاهة هذه الانتخابات’.
وشدد سيادته على أن المصالحة في مقدمة أجندة عمله وأنه متفائل بإنهاء الانقسام، وحل القضايا العالقة، مشيرا إلى استمرار حركتي ‘فتح’ و’حماس’ بتنظيم المزيد من اللقاءات من ضمنها لقاءات قريبة ستعقد في الضفة وغزة.
ونفى السيد الرئيس بأن تكون قوة الدفع الخاصة بالمصالحة قد اختفت بعد الاحتفال بتوقيعها بالقاهرة في الرابع من أيار الماضي، لافتا الانتباه إلى أن الاتصالات الأخيرة بين حركتي ‘فتح’ و’حماس’ ساهمت بإنهاء بعض القضايا مثل المعتقلين وجوازات السفر وغيرها.
وبالنسبة للحكومة المنوي تشكيلها كنتائج للمصالحة، قال السيد الرئيس: ‘ستكون حكومة تكنوقراط من المستقلين، وهي ليست حكومة وحدة وطنية، وهذه الحكومة أنا مسؤول عنها، ولها وظيفتان أساسيتان: إعمار قطاع غزة، والإعداد للانتخابات، ومن هنا أي وزير سيكون في هذه الحكومة يجب أن يتمتع بحرية السفر والحركة للخارج’.
وتابع سيادته: ‘أي شخص ينجح نترك له المنصب، ولو فازت ‘حماس’ سنترك لها السلطة دون أي تردد ودون ربيع عربي’.
وحول الأزمة المالية التي تعيشها السلطة الوطنية، شدد السيد الرئيس على أنها أزمة حقيقية، ما يحول دون صرف رواتب الموظفين كاملة في بعض الأحيان، أو صرفها في موعدها.
ولم يخف سيادته وجود تقصير عربي واضح في دعم موازنة السلطة الوطنية، والتي أصدرت القمم العربية المتعاقبة منذ عام 2002 قرارات واضحة بدعمها.
وعبّر السيد الرئيس عن رضاه مما ورد في التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي حول الوضع في السلطة الوطنية، مضيفا: ‘هذا التقرير تحدث بوضوح عن وجود شفافية عالية ومحاسبة غير موجودة في دول عديدة، من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا’.
وبشأن الخطوات المستقبلية بعد الذهاب للأمم المتحدة، قال سيادته: ‘أيا كانت النتيجة إيجابية أو سلبية سنعرض الأمر على القيادة الفلسطينية لاتخاذ القرار المناسب’.
وحول جدوى القيام بخطوة رمزية تتمثل في التوجه للأمم المتحدة مقابل الاصطدام مع الولايات المتحدة، قال السيد الرئيس: ‘هذه الخطوة ليست رمزية، وعندما يتم الاعتراف بنا كدولة، نصبح دولة واقعة تحت احتلال دولة أخرى عضوة في الأمم المتحدة، وهذا يجعل الحال مشابها بأرض سيناء سابقا، وأراضي سوريا ولبنان المحتلة من قبل إسرائيل’.
وأعاد سيادته التأكيد على أن التوجه للأمم المتحدة ليس خطوة أحادية، متسائلا هل مخاطبة 193 دولة في الأمم المتحدة عمل أحادي؟، وعندما نختلف وإياهم (الإسرائيليون) إلى أين نذهب، أليس إلى أعلى منبر دولي’.
وتابع: ‘نحن لا نريد من خلال هذه الخطوة عزل إسرائيل، ولا نرغب بذلك، كما أننا لسنا ذاهبون لنزع الشرعية عنها، بل لعزل سياساتها العنصرية تجاه شعبنا، وهناك فرق بين الأمرين’.
وقال السيد الرئيس: ‘الاعتراف بفلسطين دولة على حدود 1967، يمكننا من المطالبة بحدود معروفة، ومن هنا ما نقوم به هو عمل مهم وليس خطوة رمزية، أو مغامرة غير محسوبة، فمعظم دول العالم معنا’.
وتابع: ‘لا نريد أن نتحدث بعنترية، فنحن لا نريد مواجهة مع الأميركان، وهم يقدمون للسلطة ومؤسساتها دعم يصل لـ470 مليون دولار سنويا، لكن نختلف معهم بقضايا أساسية، وهذا الاختلاف لا يصل إلى درجة الفرقة’.
وأكد السيد الرئيس استعداد القيادة الفلسطينية لدراسة أي أفكار جدية وواضحة تهدف لإحداث اختراق في عملية السلام، مضيفا: ‘نحن ما يهمنا بالنهاية الوصول إلى حل عادل وشامل لقضيتنا’.
وفيما يتعلق برفض حركة ‘حماس’ للتوجه للأمم المتحدة، قال السيد الرئيس: ‘هذه الحركة ليست معترضة، وما قالوه إن الأمر بحاجة للتشاور، والمهم الإشارة إلى أن المصالحة مستمرة ونسير بها بخطوات إلى الأمام’.
وأشار إلى وجود تخوف لدى إسرائيل والولايات المتحدة من التوجه للأمم المتحدة، لأن ذلك سيمكن فلسطين مستقبلا من ملاحقة إسرائيل بالمحكمة الجنائية الدولية، مشددا على أن ما يدفع للتوجه لمثل هذه المحاكم قيام سلطات الاحتلال باعتداءات على شعبنا، وأن المشكلة ليست بالتوجه للمحكمة، بل بالاحتلال الذي يواصل عدوانه على شعبنا.
وحول إدعاء إسرائيل بأنها تتخوف بأن فلسطين قد تقوم بتحالفات عسكرية ضدها في المستقبل، قال سيادته: ‘مجنون يحكي وعاقل يسمع، وهذا الكلام يأتي من باب خلق الذرائع والحجج’.
وبشأن تقييمه للموقف العربي من التوجه للأمم المتحدة، وعمل لجنة مبادرة السلام العربية (لجنة المتابعة) في هذا الموضوع، أكد السيد الرئيس أن الموقف العربي داعم وثابت، وأن اجتماع اللجنة يوم أمس تبنى نفس قرارات الثالث والعشرين من الشهر الماضي بشأن الاستمرار بالتوجه للأمم المتحدة للمطالبة بعضوية كاملة لفلسطين في المنظمة الدولية.
وفيما يتعلق بعدد الدول التي قد تعترف بفلسطين في الأمم المتحدة، قال السيد الرئيس: ‘اعترفت اليوم دولة جديدة بفلسطين على حدود 1967، وبذلك تصبح الدول المعترفة بنا 126 دولة، من ضمنها 6 دول أوروبية’.